منتدى عسل البصره

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.albasra.yoo7.com


2 مشترك

    $$..)(.. !~¤§¦كَلكَامش¦§¤~!..)(..$$

    ح ـيدر البـ ص ـراوي
    ح ـيدر البـ ص ـراوي
    هღ♥ღ مدير المنتدى ღ♥ღه
    هღ♥ღ مدير المنتدى ღ♥ღه


    الدوله : IRAQ
    ذكر بـــــــــرجـــــــــــك : الجوزاء
    عدد المساهمات : 512
    نقاط : 17863623
    السٌّمعَة : 20
    تاريخ الميلاد : 28/05/1990
    تاريخ التسجيل : 16/04/2011
    العمر : 33
    الموقع : IRAQI
    العمل/الترفيه : مــ ص ــور
    المزاج المزاج : مزاجي مرح

     $$..)(.. !~¤§¦كَلكَامش¦§¤~!..)(..$$  Empty $$..)(.. !~¤§¦كَلكَامش¦§¤~!..)(..$$

    مُساهمة من طرف ح ـيدر البـ ص ـراوي 16/7/2011, 10:22 am

    مقدمــه

    هي اطول واجمل نص ادبي من ثقافة المشرق العربي القديم وهي سومريه ملحمه مكتوبه بخط مسماري على12لوحا طينيا اكتشف لاول مره في عام 1853م في موقع اثري اكتشف بالصدفه وعرف فيما بعد انه يعود للملك الاشوري اشور بانيبال في نينوى بالعراق ويحتفظ بالالواح الطينيه في المتحف البريطاني .وهذه الالواح مكتوبه باللغه الاكاديهويحمل في نهايته توقيعا لشخص اسمه شين ئيقي ئونيني الذي يتصور البعض أنه كاتب الملحمة التي يعتبرها البعض أقدم قصة كتبها الإنسان.

    اطلاله على الملحمه
    حــفــل تاريخنا العراقي بالعديد من الشخصيات والأحداث التي تركت اثارا سلبيه تاره وايجابية تارة اخرى ، ولم يكن تاثيرها مقتتصرا على العراق فحسب بل انها امتدت واستحوذت اهتمام عقول العديد من مفكري ومؤرخي باقي الحضارات . ومن ضمن تلك الاحداث شخصية الملك كلكامش صاحب الملحمه الشهيره .
    يعتقد أن النسخة الأكادية من الملحمة التي تم العثور عليها مستندة على نسخة سومرية يرجع تاريخها إلى 2100 سنة قبل الميلاد. بعد سنوات من اكتشاف الألوح 11 تم العثور على لوحة أخرى يعتبرها البعض تكملة للملحمة والبعض الأخر يعتبره عملا مستقلا وقصة أخرى لأنه كتب باسلوب اخر وفيه لايزال أنكيدو على قيد الحياة. تم ترجمة الملحمة لأول مرة إلى الإنكليزية في سنوات تلت عام 1870 م من قبل جورج سميث الذي كان عالم آثار متخصص في المرحلة الأشورية في التاريخ القديم والذي توفي عام 1876 م

    ملحمة كلكامش
    تبدأ الملحمه بالحديث عن كلكامش ملك اورك_الوركاء وقد كانت امه اله خالدا ووالده بشرا فانيا ولهذا قيل بان ثلثيه اله والثلث الاخر فاني وبسبب الجزء الفاني منه ادرك انه لن يكون خالدا وتجعل الملحمه كلكامش شخص غير محبوب من قبل سكنة اورك حيث تنسب له الممارسات السيئه منها ممارسة الجنس مع كل عروس جديده في ليلة دخلتها قبل ان يدخل لها عريسها وايضا تسخير الناس في بناء سور ضخم حول اورك العظيمه
    لهذا قام السكان بالابتهال والدعاء الى الآلهه لكي يجدوا مخرجا من ظلم كلكامش فاستجابت لهم الالهه وقامت احدى الالهات واسمها أرورو بخلق رجل وحشي كان الشعر الكثيف يغطي جسده ويعيش في البرية ياكل الاعشاب ويشرب الماء مع الحيوانات أي أنه كان على النقيض تماما من شخصية كلكامش ويرى بعض المحللين أن هناك رموزا إلى الصراع بين المدنية وحياة المدن الذي بدأ السومريون بالتعود عليه تدريجيا بعد أن غادروا حياة البساطة والزراعة المتمثلة في شخصية أنكيدو
    الصراع بين كلكامش وانكيدو
    كان أنكيدو ينقذ الحيوانات من شباك الصيادين الذين كانوا يقتاتون على هذا الصيد، فقام الصيادون برفع شكواهم الى الملك كلكامش والذي بدوره أمر احدى خادمات المعبد بالذهاب واغراء انكيدو ليمارس الجنس معها ..... وبهذه الطريقه سوف تبتعد الحيوانات عن مصاحبته ويصبح أنكيدو مروَضا ومدنيا ، ويخرج من حالة الوحشيه التي يعيشها ... حالف النجاح خطة الملك كلكامش وبدات المهمه باحدى خادمات الآلهه عشتار واسمها شامات ، قامت الخادمه شامات بتعليم انكيدو الحياة المدنيه وكيفية الأكل والشرب ،
    فقد كانت الخادمه شامات تقص لأنكيدو كيف ان كلكامش يدخل بالعرائس قبل أزواجهن ، وعندما سمع أنكيدو هذا الموضوع استشاط غضبا وقرر مصارعة كلكامش لكي يجبره على ترك هذه العاده
    تصارع الاثنان بشراسة؛ فهما متقاربان في القوة، ولكن الغلبة في النهاية كانت لكلكامش، حيث اعترف أنكيدو بقوة كلكامش، وبعد هذه الحادثة يصبح الإثنان صديقين حميمين

    كلكامش وانكيدو

    الصراع في غابة الارز

    همبابا
    يحاول كلكامش دائما القيام بأعمال عظيمة ليبقى اسمه خالدا؛ فيقرر في يوم من الأيام الذهاب إلى غابة من أشجار الأرز؛ فيقطع جميع أشجارها، وليحقق هذا عليه القضاء على حارس الغابة، وهو مخلوق ضخم وقبيح اسمه هومبابا. ومن الجدير بالذكر أن غابة الأرز كان المكان الذي تعيش فيه الآلهة ويعتقد أن المكان المقصود هو غابات أرز لبنان
    يبدأ جلجامش وأنكيدو رحلتهما نحو غابات أشجار الأرز بعد حصولهما على مباركة شمش إله الشمس الذي كان أيضا إله الحكمة عند البابليين والسومريين وهو نفس الإله الذي نشاهده في مسلة حمورابي المشهورة وهو يناول الشرائع إلى الملك حمورابي وأثناء الرحلة يرى كلكامش سلسلة من الكوابيس والأحلام لكن أنكيدو الذي كان في قرارة نفسه متخوفا من فكرة قتل حارس الغابة يطمأن كلكامش بصورة مستمرة على أن أحلامه تحمل معاني النصر والغلبة.
    عند وصولهما الغابة يبدآن بقطع أشجارها فيقترب منهما حارس الغابة هومبابا ويبدأ قتال عنيف بين حارس الغابه هومبابا من طرف وخصماه كلكامش وانكيدو من طرف اخر ولكن الغلبة تكون لكلكامش وأنكيدو حيث يقع هومبابا على الأرض ويبدأ بالتوسل منهما كي لا يقتلاه ولكن توسله لم يكن مجديا حيث أجهز الاثنان على هومبابا وأردياه قتيلا. أثار قتل حارس الغابة غضب إلهة الماء أنليل حيث كانت أنليل هي الإلهة التي أناطت مسؤولية حراسة الغابة بهومبابا.
    بعد مصرع حارس الغابة الذي كان يعتبر وحشا مخيفا يبدأ اسم كلكامش بالانتشار ويطبق شهرته الآفاق فتحاول الإلهة عشتار التقرب منه بغرض الزواج من كلكامش ولكن كلكامش يرفض العرض فتشعرت عشتار بالإهانة وتغضب غضبا شديدا فتطلب من والدها آنو، إله السماء، أن ينتقم لكبريائها فيقوم آنو بإرسال ثور مقدس من السماء لكن أنكيدو يتمكن من الإمساك بقرن الثور ويقوم كلكامش بالإجهاز عليه وقتله.


    بعد مقتل الثور المقدس يعقد الآلهة اجتماعا للنظر في كيفية معاقبة كلكامش وأنكيدو لقتلهما مخلوقا مقدسا فيقرر الآلهة على قتل أنكيدو لأنه كان من البشر أما كلكامش فكان يسري في عروقه دم الآلهة من جانب والدته التي كانت إلهة فيبدأ المرض المنزل من الآلهة بإصابة أنكيدو الصديق الحميم لكلكامش فيموت بعد فترة.
    النص التالي يمثل مقطع من الملحمه يصور موت انكيدو بين يدي كلكامش فهو يصور الوفاء للصداقه والتمجيد للبطوله
    حوار كلكامش السابق مع صاحبة الحانة يعكس مدى حزنه وتعلقه بفقيده وخله انكيدو، حتى انه يرفض ان يدفن جسد انكيدو سبع ليالٍ ظانًا انه من كثرة بكاءه على صديقه سيعود للحياة! ولكن منظر ظهور الديدان على وجه صديقه، دفعه للعدول عن رأيه، فأمر بدفنه. ووفاءًا له وتخلديدًا لذكره يأمر بأن يصنع له تماثيل في المملكة،. إذ ذُكر في الحقل الثاني من اللوح الثامن ما يلي
    لقد رأى صديقي رؤيا تنذر بالبشر
    ولما انقضى اليوم الذي راى فيه انكيدو الرؤيا اشتد به المرض وظل ملازما فراشه يوما وثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا وسابعا وثامنا وتاسعا وعاشرا وثقل المرض على انكيدو ومضى اليوم الحادي عشر ولا يزال راقدا على فراش المرض فدعا اليه كلكامش وكلمه قائلا
    ياصاحبي لقد حلت بي اللعنه
    فلن اموت ميتة رجل سقط في ميدان الوغى كنت لا اخشى القتال ولكني ساموت ذليلا حتف انفي فمن يسقط في القتال ياصديقي فانه مبارك
    عندما نور اول خيوط الفجر قال كلكامش
    اسمعوني ايها الشيبه واصغو الي من اجل انكيدو خلي وصاحبي ابكي وانوح نواح الثكلى
    انه الفأس التي في جنبي وقوة ساعي والخنجر التي في حزامي والمجن الذي يدرأ عني وفرحتي وبهجتي وكسوة عيدي لقد ظهر شيطان رجيم وسرقه مني
    ياخلي واخي الاصغر الذي اقتنص حمار الوحش في النجاد والنمر في الصحارى تغلبنا معا على الصعاب وارتقينا اعالي الجبال ومسكنا بالثور السماوي ونحرناه
    قهرنا همبابا الساكن غابة الارز فاي سنه من النوم هذه غلبتك وتمكنت منك؟؟
    طواك ظلام الليل فلا تسمعني
    ولكن انكيدو لم يرفع عينيه وعند ذاك برقع صديقه كالعروس واخذ يزأر حوله كالاسد وكاللبوه التي اختطف منها اشبالها
    وصار يروح ويجيء أمام الفراش وهو ينظر إليه.، وينتف شعره ويرميه على الأرض ، مزق ثيابه الجميلة ورماها كأنها أشياء نجسة.
    ثم دعا كلكامش الصناع والنحاسين والنحاتين وقال لهم أصنعوا تمثالا لصديقي وصنع التمثال لصديقه. ونادى أيضًا صناع المدينة وصاح بهم : أيها الصفار والصائغ والجوهري ونحات الأحجار اصنعوا لي تمثالاً لخلي ثم نحت لصديقه تمثالاً جاعلا ًصدره من اللازورد وجسمه من الذهب ونصب منضدة من الخشب القوي وإناء من اللازورد مملوءًا بالزبد وقرب ذلك إلى شمش وشرع يندب صديقه ويرثيه .
    سأجعل أهل أوروك يبكون عليك ويندبونك وسأجعل أهل الفرح يحزنون عليك وأنا نفسي بعد إن توسد في الثرى سأطلق شعري والبس جلد الأسود وأهيم على وجهي في الصحارى. ويبدو من سياق القصة إن كلكامش بعد إن قام بشعائر الدفن الخاصة، صار يرثي صديقه ويندبه ويبكيه ليل نهار ، ثم شرع يهيم على وجهه في البراري ويجوب الارض باحثًا عن سر الخلود.
    بعد موت أنكيدو اصيب كلكامش بحزن شديد على صديقه الحميم حيث لا يريد أن يصدق حقيقة موته فيرفض أن يقوم أحد بدفن الجثة لمدة أسبوع إلى أن بدأت الديدان تخرج من جثة أنكيدو فيقوم كلكامش بدفن أنكيدو بنفسه وينطلق شاردا في البرية خارج أورك وقد تخلى عن ثيابه الفاخرة وارتدى جلود الحيوانات. بالإضافة إلى حزن كلكامش على موت صديقه الحميم أنكيدو كان كلكامش في قرارة نفسه خائفا من حقيقة أنه لابد من أن يموت يوما لأنه بشر والبشر فانٍ ولا خلود إلاللالهة. بدأ كلكامش في رحلته للبحث عن الخلود والحياة الأبدية

    رحلة كلكامش في البحث عن الخلود
    لكي يجد كلكامش سر الخلود عليه أن يجد الإنسان الوحيد الذي وصل إلى تحقيق الخلود وكان اسمه أوتنابشتم والذي يعتبره البعض مشابها جدا أن لم يكن مطابقا لشخصية النبي نوح (ع)في الأديان اليهودية والمسيحية والإسلام. وأثناء بحث كلكامش عن أوتنابشتم يلتقي بإحدى الإلهات واسمها سيدوري التي كانت آلهة النبيذ وتقوم سيدوري بتقديم مجموعة من النصائح إلى كلكامش والتي تتلخص بأن يستمتع كلكامش بما تبقى له من الحياة بدل أن يقضيها في البحث عن الخلود وأن عليه أن يشبع بطنه بأحسن المأكولات ويلبس أحسن الثياب ويحاول أن يكون سعيدا بما يملك لكن كلكامش كان مصرا على سعيه في الوصول إلى أوتنابشتم لمعرفة سر الخلود فتقوم سيدوري بإرسال كلكامش إلى المعداوي، أورشنبي، ليساعده في عبور بحر الأموات ليصل إلى أوتنابشتم الإنسان الوحيد الذي استطاع بلوغ الخلود.
    عندما يجد كلكامش أوتنابشتم يبدأ الأخير بسرد قصة الطوفان العظيم الذي حدث بأمر الآلهة وقصة الطوفان هنا شبيهة جدا بقصة طوفان النبي نوح،(ع) وقد نجى من الطوفان أوتنابشتم وزوجته فقط وقررت الآلهة منحهم الخلود. بعد أن لاحظ أوتنابشتم إصرار كلكامش في سعيه نحو الخلود قام بعرض فرصة على كلكامش ليصبح خالدا، إذا تمكن كلكامش من البقاء متيقظا دون أن يغلبه النوم لمدة 6 أيام و9 ليالي فإنه سيصل إلى الحياة الأبدية ولكن كلكامش يفشل في هذا الاختبار إلا أنه ظل يلح على أوتنابشتم وزوجته في إيجاد طريقة أخرى له كي يحصل على الخلود. تشعر زوجة أوتنابشتم بالشفقة على كلكامش فتدله على عشب سحري تحت البحر بإمكانه إرجاع الشباب إلى كلكامش بعد أن فشل مسعاه في الخلود، يغوص كلكامش في أعماق البحر في أرض الخلود دلمون (البحرين حاليا) ويتمكن من اقتلاع العشب السحري.


    عودة الملك كلكامش الى مدينة أورك
    بعد حصول كلكامش على العشب السحري الذي يعيد نضارة الشباب وحيويته ، قرر ان يأخذ هذا العشب الى أورك ليجربه على رجل طاعن في السن قبل ان يتناوله، ولكن ولسوء الحظ وفي طريق عودته وعندما كان يغتسل في النهر قامت احدى الافاعي بسرقة العشب وتناوله ..... فرجع كلكامش الى أورك خالي اليدين ، وبيمنا هو يقترب من مملكته شاهد السور العظيم الذي بناه(على اكتاف السكان) حول أورك ، فــفــكــر في قرارة نفسه ان ضخامة وعظمة هذا السور هو الكفيل الوحيد الذي بواسطته يـُخَـــلــّـد اسـمـه .
    وفي النهايه تتحدث ملحمة كلكامش عن كيفية موت كلكامش ومدى حزن سكان أورك على وفاته .
    مــوت كلكامش
    [ عن إيابه بلا صحراء]
    أيها الموت
    صديقي أيها الموت..
    ها أنت تعيدُني إليكَ من أمومةٍ مشاعةٍ،
    ها أنتَ تشْبَخُ، من فوق ظلال أبنائك النائمين،
    لتَسطو على امرأتك،
    وتنجبَ منها زوجةً لي،
    ها أنت تأخذني من حسد وجيز،
    فأستيقظُ منك كي أنام.
    في ما مضى،
    أخذني منك أصدقاءٌ فرحون بمراثٍ لا تستحقهم.
    كم مرةً ناديتني، أتذكر؟
    كان صوتك يتدحرج في منحدرات غامضة،
    وهو يلقي
    عليَّ وصيةَ الكامنين له في منعطف صغير.
    أتذكُرُ..؟
    عندما ـ نحنُ رهائنَ المستقبل ـ تلثَّمنا بملامحنا
    وعبرنا مضيق السنة الأخيرة،
    أتـَذكُر يا صديقي؟
    كانت السنةَ الأخيرةَ من حربٍ متأخرة،
    مراهقون لا شتاء يسميهم،
    دائماً يحصلون عليك بآبائهم،
    ودائماً
    نشيدك التائه يغويهم،
    فينحدرون بهزائم لا تسميهم.
    يصل آباؤنا،
    وجنازاتهم تُطلُّ على شتاء هارب.
    يصلون،
    بعد أن يبيعوا جلودهم لصحراء مكهربة.
    كيف لي يا صديقي،
    أن أدلهم على عنوانك؟
    مرضى بإفادات عن اللاجئين إلى الندم،
    موتى على أسرَّة تَروي وحشة اللاحقين.
    زرعتَ لِيْ ألغامَك في كل نوم..
    أتذكرك في عيون أصدقائي،
    هبطت فيها سبعُ سماوات،
    وأيديهم التي سقطتْ منها بقية الأرض.
    أتذكرك، يا صديقي،
    في أعناق أصدقائي المصلوبين إلى مشانق تستدير،
    ولا تتلفت معهم.
    أتذكرك، وأنت تحرسني،
    في معارك تجتازني مصادفاتها.
    أتذكرك، في انقفال أبواب الدبابة،
    وهي تعبر غابات (التاو)
    في الأشجار التي تـُنيم مصائدَها عندما أقترب،
    أتذكرك،
    في جثثٍ مكبوبة على الوجوه، تصرخ: أنا.
    في السفر إليك،
    لم يكن معي غيرُك،
    أيها السفر أليه،
    لم أستدل على طرقي إلاّ لأتشتّتَ
    في مواجهات مع آثارٍ مخادعة،
    لم أتقدم لإطلاق طيورك مني
    إلاّ عند هبوبك فيَّ.
    أُجراؤك يوقعون بيننا
    وأنتَ أوّلُ مَن يعرفني من الأصدقاء!
    أُجراؤكَ تَفضَحهُم شمسُ أبَديتكَ
    حيث لا ظلامَ مُقَدَّساً لأيامهم.
    … وهكذا,
    كأرواح ـ بلا عينين ـ مقيدةٍ بحبل،
    هذه السماء ليست لأحد،
    كحربة يقودها الليل إلى بساتين خائفة.
    أصطدم، دائماً، بمذكراتك، لدى من دونوا رسائلك،
    أصطدم، بأدويةٍ بقيت منهم في صناديق الدبابات،
    الدبابات المعاقة في معارك سابقة،
    بأدوات حلاقة، كان يستخدمها الظلام،
    مطلية بغبار الخنادق.
    في المستشفيات، كم نافستني عليهم؟
    والتقطتَ صورة أخيرة لهم،
    ولم تترك لي نسخة عنها!
    في المستشفيات، كم ربتَّ على كتفيَّ؟
    واعتذرت، معي للزوار وهداياهم المردودة.
    أتذكر يا صديقي؟
    ونحن نعبر خابور الحزن إلى ظلالنا المالحة؟
    حيثُ ألسنةُ الميتين تروي حياتنا،
    أتذكر، كم من السابقين عبروا منِّي،
    وما انبثقوا ـ إلى الآن ـ أمامي؟
    أيتامك يا صديقي، أكثر من أبنائك،
    هؤلاء ملفقون، لأسمائهم منفى، ولا منفى لسمائهم،
    وأولئك كانوا معي،
    قبل أن تعطيهم الحرب عنوانك.
    أما أنا،
    فلديَّ ـ إليك ـ نصفُ عنوانٍ من هؤلاء،
    ونصفٌ من أولئك،
    فإلى أين أوجه رسائلي؟
    أيتامُك أمواتك لكنَّهم فرحون!
    مع صفارة الإنذار،
    كان جوعُك الأفريقي يترصد ما تلقيه الطائراتُ،
    وما تطبخه النيرانُ من ذكرياتنا.
    فكم أبقيتَ من نسيانٍ لأعرفك؟
    كم سميت لي من أحفادٍ،
    لأشتبه بسلالتك الصمّاء؟
    صديقي أيها الموت.
    والأطفال…؟
    طالما استدرجَتهم حلواك،
    إلى نهر بلا ضفتين،
    أو لوّنتَ لهم ألعابك،
    قبل أنْ تسرقَ السياراتُ لوناً نائماً،
    قاطعةً طريقـَه إلى ذهب أعمى.
    كنت أحسَبُ إنَّ ربيعَك محصورٌ
    في قطاع( 50) في مدينة الثورة،
    حيث عجائزُ ـ وحسب ـ يحصدون حقولك،
    وكنت أطلُّ على تعبهم الأخير،
    من بين زحمة المودعين.
    لمْ أدرِ أنَّ خريفك يمتدُّ
    إلى سحنات تنقصها الذكرياتُ،
    لمْ أدْرِ أنَّ سنتك الكبيسة
    مأهولة بما لا يعدُّ من أحذية الداخلين!
    ولا آثار لعودتهم سوى أخبارك بيننا.
    صديقي أيها الموت!
    من أين لأسنانك كلُّ هذا الحنان
    لتربي صرخة مقطوعةَ القدمين؟
    من أين لأسرَّتك كلُّ هذا اليأسِ
    لتعدَ جهاتٍ مهجورة،
    لتحظى بأحلام من ناموا بلا ليلٍ،
    وتعيدَهم إلى رعشة بيضاء هناك.
    لا أدري،
    لماذا يذبل أسبوعك في المحطات،
    عندما يأكل الغرباء مسدساتهم وينامون؟
    المسدسات، لا أسماء لهروبها،
    لا ملامح لشبهاتها،
    ولا مواعيد لنومها،
    المسدسات فوضى الله حين يختار أعداءَهُ.
    مِن على السطح، تومئ لي
    بكفٍ محناة وفي بنصرها خاتم من شهوات،
    بجهشات طفولة تـُرَجـِّـفُ الوحْـشةَ،
    بالحياةِ، تواصلُ نعينا ونستمرُّ نومئ بلا يدين!
    أتذكر؟
    عندما ازدحموا في الحافلة،
    وكنت تقودها بلا أحد منهم ـ سوى ازدحامهم! ـ
    أتذكر؟
    كانوا يستردون حواسهم
    عند كلِّ أبدٍ في الطريق إلى البداية المجهولة،
    وكنت تفرك عينيك،
    أمام عناوينهم التي يهبطون، فجأة، عندها،
    عناوينهم التي لا تتذكرها لترسلها لنا.
    صديقي أيها الموت،
    لم تصلني رسائلك،
    مع أنني أرسلها دائماً!
    ولم أكـذب وصيتهم الوحيدة،
    مع أنهم تركوها على جسدك المفقود.
    نتكرر بعد كل نوم،
    وتتأخر أنت،
    صديقي أيها الموت .
    avatar
    ناديه البغداديه
    هღ♥ღعسولي بدء يشتغلღ♥ღه
    هღ♥ღعسولي بدء يشتغلღ♥ღه


    الدوله : مجهول الهو
    عدد المساهمات : 121
    نقاط : 241
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 05/08/2011

     $$..)(.. !~¤§¦كَلكَامش¦§¤~!..)(..$$  Empty رد: $$..)(.. !~¤§¦كَلكَامش¦§¤~!..)(..$$

    مُساهمة من طرف ناديه البغداديه 13/11/2011, 5:53 am

    شكراااااااااااااً موضوع في غايه الروعه

    تقبل مروري يا حيدر

      الوقت/التاريخ الآن هو 12/5/2024, 7:07 pm